وقال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: فلمَّا بلغت تسعَ سنين صامت وقامت الليلَ وتبتَّلت حتى غلبتِ الأحبارَ.
قال مقاتل: فبنى لها زكريا محرابًا في مسجد بيت المقدس، وجعل بابه في وسطه، وكان يُغلِق عليها الباب لا يَدخل عليها (١) غيرُه، ولا يُرقى إليها إلَّا بسُلَّم (٢).
وقال الزجَّاج: المحرابُ أشرفُ المجالس ومُقدَّمُها، وقيل: المساجد عندهم تسمَّى المحاريب، وهو مِفْعال مِن الحرب؛ لأنَّه يُحارَب فيه الشيطانُ، وهو في اللغة اسمٌ للموضع العالي الشريف، قال الشاعر:
رَبَّةُ محرابٍ إذا جئتُها... لم ألقها أو أَرْتقي السُّلَّما (٣)
وقال الأصمعيُّ: المحرابُ: الغرفةُ (٤)، قال: أَلَا تراه قال تعالى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} ص: ٢١ والتَّسوُّر لا يكون إلا مِن علوٍ.
وقيل: المحرابُ: اسمٌ للقَصْر أيضًا، قال الشاعر:
أو دُمْيةٍ صوِّر محرابُها... أو درَّةٍ سِيقت إلى تاجر (٥)
(١) في (ف): "إليها".
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٧٣).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٠٣)، والبيت لوضاح اليمن -وهو عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال- كما في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ١٤٤)، و"الأغاني" للأصفهاني (٦/ ٢٣٧). وعزاه كراع النمل في "المنجد في اللغة" (ص: ٣٢٦) لعمر بن أبي ربيعة.
(٤) انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري (١/ ٤٣٤).
(٥) انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس" لابن الأنباري (١/ ٤٣٣)، و"المقصور والممدود" لأبي علي القالي (ص: ٢٢٣)، و"تهذيب اللغة" (٥/ ١٧)، و"الغريبين" للهروي (مادة: حرب)، قال الأزهري: أرادَ بالمحراب القصر، وبالدُّمْيَة الصُّورة. وروايته في المصادر عدا مطبوع "الزاهر": (شيفت إلى تاجر). =