أو تعلُّمٍ من عالمٍ، أو بوحيٍ (١) من عند اللَّه، وانعدمَت الثلاثة الأُوَل، فتعيَّنت الرابعة، وهو الوحي.
قوله تعالى: {نُوحِيهِ إِلَيْكَ}؛ أي: ننزِّله عليك دلالةً على صحَّة نبوَّتك، وإلزامًا على نصارى بني نجران وغيرهم فيما يحاجُّونك.
والوحي في القرآن لِمعانٍ:
للإرسال إلى الأنبياء: قال تعالى: {نُوحِي إِلَيْهِمْ} يوسف: ١٠٩.
ولإنزال القرآن: قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ} الأنعام: ١٩.
وللإلهام: قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} القصص: ٧، وقال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} النحل: ٦٨.
ولإلقاء المعنى المراد: قال تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} الزلزلة: ٥، وقال الشاعر:
أوحى لها القَرارَ فاستقرَّتِ (٢)
وللإشارة: قال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} مريم: ١١.
وللوسوسة: قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} الأنعام: ١٢١.
وأصلُ ذلك كلِّه: الإعلامُ في خفاءٍ (٣).
قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ
(١) في (أ): "يوحى".
(٢) البيت للعجَّاج. انظر: "ديوان العجاج" (ص: ٢٦٦)، وبعده:
وَشَدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثُّبَّتِ
(٣) في (ر): "حقنا".