لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}: أُضمر فيه: لينظروا أيُّهم يكفل مريم، وقد بيَّنا عند قوله عزَّ وجلَّ: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} آل عمران: ٣٧ قصَّة إلقاء الأقلام (١).
{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ} خطابٌ لمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: ولو كنْتَ حاضرًا لم يكفُلْها إلَّا أنت؛ لأنَّها زوجتك في الجنَّة (٢).
وقيل: وما كنت حاضرًا، ولكن ذكرُها لك منَّا الآن خيرٌ لك من حضرتك حينئذٍ.
ثم للآية وجهان:
أحدهما ظاهرٌ وعليه الأكثر: أنهم تشاحُّوا فيها، فكلٌّ (٣) يرغبُ في كفالتها.
والآخر غامضٌ (٤)، وقد (٥) ذكر في بعض التفاسير أنَّ كلَّ واحدٍ منهم كان يروم بالقُرعة دفعَ ذلك عن نفسِه؛ فإنَّه كان في زمان عزَّة الطعام.
فعلى الأول: هذا تعجيبٌ من اللَّه تعالى مِن حرصِهم على كفالتها لفضلها.
وعلى الثاني: تعجيب مِن تدافُعهم لكفالتها مع فضلِها، حتى وَفَّقَ لها ورزقها أفضل الكفلاء.
(١) في (ر): "كيفية قصة الإلقاء للأقلام".
(٢) لم أقف عليه. وحديث تزويج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من مريم في الجنة رواه الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٤٥١) من حديث ابن أبي رواد، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة، قال الحافظ في "التقريب": كذبوه. ورواه الطبراني أيضًا (٨٠٠٦) من حديث أبي أمامة رضي اللَّه عنه، وفيه عبد النور بن عبد اللَّه المسمعي وهو كذاب. ورواه الطبراني أيضًا (٥٤٨٥) من حديث سعد بن جنادة رضي اللَّه عنه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٩/ ٢١٨): فيه من لم أعرفهم.
(٣) في (ر) و (ف): "وكل".
(٤) في (ر): "والآخر ما مضى".
(٥) "وقد" ليس في (ف).