وقيل: المسيحُ: الجميلُ، والمسيخُ بالخاء: القبيحُ، وفي الخبر: "على وجهِهِ مَسْحَةُ مَلَكٍ" (١)، وهي (٢) الجمال.
وقيل: المسيحُ: فعيلٌ من السِّياحة؛ أي: كان يسيحُ في الأرض ولا يبيت (٣) في مكانٍ.
قوله تعالى: {عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} قد ذكرنا أنه خبرُ قولِه: {اسْمُهُ}، وإنْ جُعِلَ {الْمَسِيحُ} خبرَه، فهذا بدلٌ عنه.
وقيل: إن كثيرًا من المنتحلين قبل خروج نبيِّنا محمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- تنبَّؤوا باسم المسيح، فردَّ ذلك بقوله: {عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} أنه له على الخصوص، لا لكلِّ مُسمًّى باسم المسيح.
قوله تعالى: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}: نصبٌ على القطع؛ لأنَّه نكرةٌ بعد معرفةٍ.
وقد وَجُهَ يَوْجُهُ وَجاهةً، فهو وجيةٌ، من حدِّ شَرُفَ؛ أي: صار ذا جاهٍ ومنزلةٍ وقَدْرٍ.
والجاهُ أصله: الوجاه، حذفت الواو منه تخفيفًا لكثرة الاستعمال.
وجاهُهُ في الدُّنيا: ما قال في صغرِه: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ} مريم: ٣٠ الآية، كما قال في حقِّ موسى: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} الأحزاب: ٦٩، ومن الجاه أنَّه كان يستجيبُ دعاءَه، ويعطيه سؤله (٤)، ويُجري على يديه ما يقتضي تعظيمَه.
(١) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (١٩١٨٠)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٢٥٠)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٢٤٤)، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٧٩٧)، من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي رضي اللَّه عنه. ولفظ البخاري: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يدخل من هذا الباب رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك"، فدخل جرير.
(٢) في (ر) و (ف): "وهو في".
(٣) في (أ) و (ف): "يثبت".
(٤) في (أ): "سؤاله".