وفي الآخرة بأن يُشفِّعه في جملةِ مَن يُشفِّعه من الأنبياء، ويدخلَه الجنة مع المرسلين.
وقال الحسن: وجيهًا في الدنيا بالنبوَّة، وفي الآخرة بالمنزلة (١).
قوله تعالى: {وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}: أي: بالمنزلة العُليا من الثَّواب والكرامة في الآخرة؛ فإنَّه ذكرَ الأزواجَ الثلاثةَ: أصحابُ الميمنة، وأصحابُ المشأمة، والسَّابقون، وأشراف أصحاب الميمنة السابقون، وهم المقرَّبون، وعيسى منهم، وقيل: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} الواقعة: ١٠ - ١١ (٢).
* * *
(٤٦) - {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ}: تقديرُه: ومكلِّمًا، عطفًا على {وَجِيهًا} ولذلك قال بعده: {وَكَهْلًا}.
ويجوز أن يكون {وَكَهْلًا} عطفًا على الذي في الظَّرف، وهو قوله تعالى: {فِي الْمَهْدِ}؛ أي: حال كونه في المهد طفلًا وحال صيرورته كهلًا، وإنما جاز بصيغة الفعل على إرادة الاسم لأنه للحال، وكلُّ واحدٍ منهما يدلُّ عليه، يقال: دخل فلان عليَّ يتبسَّم، و: دخل عليَّ متبسِّمًا.
والمهدُ: مَضجَعُ الصبيِّ في الرَّضاعة (٣)، وهو من التَّمهيد له، معناه: أنه يتكلَّم
(١) قول الحسن في "تفسير الرازي" (٨/ ٢٢٣)، وذكر غيره عن الحسن قوله في معنى {وَجِيهًا}: أي: مستجاب الدعوة. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣١٥٨)، و"النكت والعيون" (٤/ ٤٢٧)، و"البسيط" للواحدي (١٨/ ٣٠٠).
(٢) "وقيل {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} ": من (أ).
(٣) في (أ): "رضاعه".