في طفوليَّته في حِجرِ أمِّه شاهدًا على طهارتها وبراءتها؛ كرامةً لها، أو (١) معجزةً لعيسى، فإنه ناقضٌ للعادة، إذ ليس حالُه النُّطق عادةً، وهو ما ذُكر في سورة مريم، قال (٢): {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ} الآية.
قوله تعالى: {وَكَهْلًا}؛ أي: حال كهوليَّةٍ، وهي ما بين الشباب والشَّيب، من قولهم: اكتهلَ النَّبْتُ: إذا طالَ (٣) وقويَ.
وقيل: حدُّها بلوغ أربع وثلاثين سنةً.
فإن قالوا: أيُّ أعجوبةٍ في تكلُّمه كهلًا؟ وإنما (٤) ذكر تكلُّمَه في الطفولية أعجوبةً.
قلنا: قيل: معناه: يكلِّمُهم في المهد تبرئةً للأمِّ بطريق الكرامَة، ويكلِّمُهم بعد الكهولة داعيًا إلى اللَّه بالوحي والرِّسالة.
وقيل: أي: يَبتدئُ الدَّعوة إلى اللَّه من حين كان طفلًا إلى أن يصير كهلًا. وهي بشارةٌ للأم بعيشه وبقائه، فكانت معجزةً في ضمن معجزةٍ.
وقيل: معناه: إنَّ كلامَه في طفوليَّته ككلامِه في كهوليَّته (٥)؛ لذكائِه وعقلِه في حالَتَيْهِ.
وقيل: {وَكَهْلًا} بعد نزوله من السَّماء لقتل الدَّجال.
(١) في (ف): "و".
(٢) في (ر): "ثم قال".
(٣) في (أ): "أي طال".
(٤) في (ر): "فإنما".
(٥) في (أ): "كهولته".