قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} (١)؛ أي: قال جبريل بأمرِ اللَّه: كذلكَ المعتاد، لكنَّ اللَّه تعالى يخلق على خلاف المعتاد ما أرادَ، وهو قادرٌ على ذلك.
{يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} (٢) وقد خلقَ آدمَ وحوَّاء من غير أبٍ ولا أمٍّ، وخلق كلَّ شيءٍ من غير شيء.
قوله تعالى: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}؛ أي: إذا قدَّر تخليقَ ولدٍ من غير أبٍ كوَّنه من غير تأخيرٍ.
وقوله تعالى: {فَيَكُونُ} رفعٌ لا غير، ولا يجوز نصبه؛ لأنَّه ليس بخبرِ {كُنْ}، بل هو عطفٌ على قوله: {يَقُولُ}، وهذا بخلافِ قوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} النحل: ٤٠، النَّصبُ هناك لِمَا أنَّه عطفٌ على {أَنْ نَقُولَ}.
* * *
(٤٨) - {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}.
قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (٣): قرأ نافع وعاصم بياء المغايبة عطفًا على قولِه تعالى: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، والباقون بالنون (٤)، إخبارًا من اللَّه تعالى عن نفسِه أنه يفعلُ ذلك، عطفًا على قوله تعالى: {نُوحِيهِ إِلَيْكَ}.
و {الْكِتَابَ} في قول الكلبيِّ: هو كتب الأنبياء المتقدِّمة، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} الشعراء: ١٩٦، و {وَالْحِكْمَةَ}: الفقهُ (٥).
(١) " {اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} " من (ف).
(٢) في (أ) و (ر): "قوله تعالى {اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} ".
(٣) في (ر) و (ف): "ونعلمه الكتاب والحكمة"، وهي قراءة كما سيأتي.
(٤) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٨٨).
(٥) انظر: "تفسير السمرقندي" (١/ ٢٣٩).