وقال مقاتل: {الكتابَ} هو هو الكتابة بالقلم (١)، وكانَ أحسنَ النَّاسِ خطًّا في زمانِه، و {الحكمة}: بيانُ الحلال والحرام (٢).
وقيل: {الْكِتَابَ}: الخطُّ باليد، و {الحكمة}: البيانُ باللِّسان.
قوله تعالى: {وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}: معطوفان على {الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.
قوله تعالى: {ورسولًا إلى بني إسْرائيل}: عطفٌ على قوله: {وَجِيهًا}.
وقيل: نصبُه بإضمار فعل، وهو قوله: ويجعله رسولًا.
وقال الزجَّاج: تقديره: ويكلِّم الناس في المهد وكهلًا ورسولًا (٣).
قوله تعالى: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}: قرأ نافع بكسر الهمزة من {أَنِّي} على حكاية مخاطبته إيَّاهم وإضمارِ القول، وقرأ الباقون بالنَّصب على إرادة الباء (٤)، ووقوع الرِّسالة عليه على تقدير: رسولًا بأني.
وكان في الكتب المتقدِّمة أن اللَّه تعالى يُنزِلُ على عيسى عليه السلام الإنجيلَ، وكان معروفًا عندهم بهذا الاسم قبل إنزاله، وعرفَتْه مريم، فلذلك بشَّرها جبريل أن اللَّه تعالى يعلِّمه التَّوراة والإنجيل، وكان معلِّمُه لا يعلِّمُه شيئًا إلَّا بدرَه إليه.
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٥٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: وروي عن يحيى بن أبي كثير ومقاتل وعثمان بن عطاء مثل ذلك.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٤٢٦) في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} البقرة: ٢٣١.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤١٣).
(٤) كذا قال المصنف رحمه اللَّه، وهو وهم منه، فإن الخلاف بين نافع وباقي العشرة إنما هو في قوله: {أَنِّي أَخْلُقُ}، أما قوله: {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ} فقد اتفق العشرة على فتح همزة {أَنِّي}. انظر: "السبعة" (ص: ٢٠٦)، و"التيسي" للداني (ص: ٨٨)، و"النشر" (٢/ ٢٤٠).