تكون متصرِّفًا بنا لنا، ولا يكون عليك من اختيارك شيء، وبهذا الوصف كان يظهرُ على يديه إحياء الموتى.
قال: ويُقال: طهَّر قلبَه عن مطالعة الأغيار، ومشاهدة الآثار، في جميع الأحوال والأطوار.
{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} بالقهر والنُّصرة والحُجَّة، ومتَّبعُوه: الذين لم يبدِّلوا دينَه، ثم يحكمُ اللَّه تعالى بينه وبين أعدائه؛ فأمَّا الكفَّارُ ففي الجحيم، وأمَّا المؤمنون ففي النَّعيم (١).
* * *
(٥٨) - {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}.
قولُه تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ}: {ذَلِكَ} إشارةٌ إلى القصص المتقدِّمة، {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ}؛ أي: بقراءة جبريل عليك بأمرنا.
وقيل: معناه: نحن نوحيهِ (٢) إليك بعضَه على إثر بعضٍ.
قوله تعالى: {مِنَ الْآيَاتِ}: أي: من دلالات وحدانيَّتنا وقدرتنا، ونفاذِ مشيئتنا، ودلالات رسالتك أيضًا.
وقيل: {مِنَ الْآيَاتِ}؛ أي: من العجائب والعبر.
قوله تعالى: {وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}: قيل: {الذِّكْرِ}: القرآن، كما قال تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} الأنبياء: ٥٠، و {الْحُكْمُ}: المحكَم، كالشيء البديع بمعنى المبدَع، وهذا من صفات القرآن؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} هود: ١؛ أي: لا يدخلها انتقاصٌ (٣).
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٤٥ - ٢٤٦).
(٢) في (أ): "نوحيه نحن" وفي (ر): "نحن نوجه".
(٣) في (أ) و (ر): "انتقاض".