قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا}؛ أي: بالمسخ والقتل والقهر والسبي والجزية.
وقيل: بالأمراض والرَّزايا في الأنفس والأموال، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا} التوبة: ٨٥، ولا ثواب لهم عليها بخلاف المؤمنين.
وقوله: {وَالْآخِرَةِ}: هو عذابُ النَّارِ والخلودُ فيها.
قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}: أي: معِينين ومانعين، وللعذابِ دافعين.
* * *
(٥٧) - {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}: قرأ عاصم في رواية حفصٍ بياء المغايبة؛ أي: فيوفِّيهم اللَّهُ ثوابَ أعمالِهم في الدُّنيا بالإعزاز والإعلاء والتَّمكين من الأعداء، وفي الآخرة بالجنة واللِّقاء.
وقرأ الباقون بالنون (١)، يقول اللَّه تعالى: نحن نوفِّيهم، كما قال في الآية الأولى: {فَأُعَذِّبُهُمْ} آل عمران: ٥٦، والجمع لإظهار العظمة والسُّلطان (٢).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}: أي: الكافرين، وقيل: العاصين.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: إذ قال اللَّه: يا عيسى إني متوفِّيك عنك، وقابضك منك، ورافعك عن نعوت البشريَّة، ومطهِّرك من إرادتِك بالكليَّة، حتى
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٠٦)، و"التيسير" (ص: ٨٨).
(٢) في (أ): "والسلطنة".