وتساويا في الرَّفع إلى السماء ثم الإنزال؛ لأن آدم صلوات اللَّه عليه رُفِعَ إلى الجنة ثم أُنْزِلَ إلى الأرض، ورُفِعَ عيسى إلى السماء الرابعة ثم ينزل إلى الأرض فيكسر الصَّليب ويقتل الخنزير، ونزوله من أشراط الساعة (١).
وتساويا في الخِلْقة؛ لأنَّهما لم يُخْلَقا أطوارًا كغيرهما.
واستويا في الإلهام؛ حين قال آدمُ لَمَّا عطس: "الحمد للَّه" (٢)، وقال عيسى: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} مريم: ٣٠.
وتساويا في التعليم؛ قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} البقرة: ٣١، وقال لعيسى: {وَنُعَلِّمُهُ (٣) الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} آل عمران: ٤٨.
وتساوَيا في نفخ الرُّوح فيهما؛ قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} الحجر: ٢٩، وقال في عيسى: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} التحريم: ١٢.
وتساويا في الموت؛ قال اللَّه تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} الرحمن: ٢٦.
وكلُّ ذلك يردُّ على النَّصارى حيث قالوا: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} المائدة: ١٧، وقالوا: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} المائدة: ٧٣.
* * *
(٦٠) - {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.
قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}: أي: ذلك الثَّناء هو الحقُّ من ربِّك، والمبتدأُ محذوفٌ.
وقيل: {الْحَقُّ} مبتدأٌ، وخبرُه محذوفٌ، وتقديرُه: الحقُّ إنما يأتيك من ربِّك.
(١) كما ورد ذلك في الحديث الذي رواه البخاري (٢٢٢٢)، ومسلم (١٥٥)، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) كما ورد ذلك في الحديث الذي رواه الترمذي (٣٣٦٨) وحسنه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) في (أ): "ويعلمه".