(٦٩) - {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
قوله تعالى: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}: أي: أحبَّتْ وتمنَّتْ، و {لَوْ} كلمةُ تمنٍّ.
قوله تعالى: {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}: أي: لو تمَّ ذلك لكانوا في الحقيقة مضلِّين أنفسَهم؛ لأنَّ ضررَ ذلك عائدٌ عليهم بما يكتسبونه من الإثم بإضلالِكم؛ قال اللَّه تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} العنكبوت: ١٣.
قوله تعالى {وَمَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: وما يعلمونَ أنَّ اللَّه يخبرُ نبيَّه عن ذلك.
قيل: وما يعلمون أنَّ ضررَ قصدِهم يعودُ عليهم.
ونزولُ هذه الآيةِ، ونزولُ قولِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} آل عمران: ١٤٩، ونزولُ قولِه تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} البقرة: ١٠٩، نزولُ هذه الآيات الثَّلاث في فنحاص بن عازورا وزيدِ بنِ قيسٍ وجماعةٍ منهم حين دعوا عمَّارًا وحذيفةَ إلى دينِهم، وقد مرَّتْ قصَّته في سورة البقرة في تلك الآية.
وإنَّما قال: {طَائِفَةٌ} لأنَّ {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ} الآية آل عمران: ١١٣.
وقيل في قولِه تعالى: {وَمَا يُضِلُّونَ} أي: لا يَتمُّ لهم ذلك، لكن تلك الشُّبهات التي يريدون استزلالكم (١) بها هي المتمكِّنة في قلوبهم، فيضلُّون بها أنفسَهم.
(١) في (ف): "استزلالهم".