وقيل: الإضلال هو الإهلاك، ومعنى الآية: يريدونَ إهلاكَكم، وما يهلكون إلَّا أنفَسهم بهذا الفعلِ الباطلِ.
والفرقُ بينَ (ودُّوا لو يضلونكم) و (أرادوا أن يضلوكم): أنَّ الإرادةَ تقتضي تحقيقَ المراد، أو تجري مجرى الاستدعاء إلى الفعلِ، وأمَّا التَّمني بـ (لو) فتقديرُ شيءٍ في النَّفس لا على التَّحقيق.
* * *
(٧٠) - {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}.
قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}: قال الضحَّاك: أي: بملَّة إبراهيم، وملَّة الإسلام، وبمحمَّد عليه الصلاة والسلام.
وقال مقاتل: بالقرآن (١).
وقيل: بالتَّوراةِ؛ ففيها ذكرُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي جحودِ نبوَّة محمَّد كفرٌ بالتَّوراة.
قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}: أي: أنَّ التَّوراةَ حقٌّ وأنَّها من اللَّهِ تعالى وفيها ذِكْرُه.
وقال الكلبيُّ: أي: وأنتم شهداءُ اللَّهِ على نبوَّة رسولِه بما ذكرَ في كتابِكم وتكتمون الشَّهادة (٢).
وقال الضحَّاكُ ومقاتلٌ: {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} به إذا خلوتُمْ فيما بينكم.
(١) روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٧٧ - ٦٧٦) عن مقاتل معناه، ولفظه: {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} أن القرآن حق، وأن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- رسول اللَّه يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. وروى عنه أيضًا: {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} يقول: لم تكفرون بالحجج.
(٢) روى نحوه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٧٦ - ٦٧٧) عن السدي وقتادة.