آخرَه إذا خلوتُم بأهل دينكم؛ فإنَّ أمرَهم في اضطرابٍ، ونحن نطمع أن يضعُفَ أمرُهم فيرجعوا إلى دينكم. وعلى هذا قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} البقرة: ١٤.
وفيه معجزةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى أطلَعه على سرائرِهم ولم يجحدوا ذلك، فدلَّ على أنَّه باللَّه علِمَ ذلك.
* * *
(٧٣) - {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
قوله تعالى: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ} (١):
آمنَ له؛ أي: صدَّقه؛ قال تعالى خبرًا عن إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} يوسف: ١٧، وقال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} العنكبوت: ٢٦.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: يحتمل أن يكون {وَلَا تُؤْمِنُوا}؛ أي: في السرِّ، ويتبيَّنُ به أن قولهم: (آمِنوا وجهَ النهار) كان للظاهر (٢)، ثم نَهَوا عنه في الباطن؛ أي: أظهِروا لهم الإسلام والموافَقة، ولا تؤمنوا به في الحقيقة.
قال: ويحتمِل {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} في أمر القِبلة خاصَّةً؛ أي: صدِّقوهم في كون القبلة بيتَ المقدس، ولا تصدِّقوهم في أن القبلة هي الكعبة.
(١) قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ} لم يرد هنا في النسخ، وإنما جاء موزعًا ضمن الأقوال، فوضعنهاه هنا لأن ما سيأتي من أقوال مرتبط بالآية مجتمعة.
(٢) في (أ) و (ر): "للإظهار".