وقيل في قوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} هو استئنافُ أمرٍ مِن اللَّهِ تعالى.
واتِّخاذُ الملائكة أربابًا هو كقول بعضِ العرب: الملائكةُ بناتُ اللَّه، واتِّخاذُ النبيِّين أربابًا هو قول اليهود والنَّصارى في عُزير وعيسى ما قالوا.
قوله تعالى: {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ والنَّفي؛ أي: لا يأمركم.
وقوله: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}؛ أي: بعد إذ دعاكم إلى الإسلام وإجابةِ بعضكم.
وقيل: أيأمركم اللَّهُ بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون بشهادة الخِلْقة؛ قال تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} آل عمران: ٨٣.
وقيل: سأل قومٌ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: أَلَا نسجدُ لك؟ قال: "لا ينبغي لأحدٍ أنْ يسجدَ لأحدٍ دون اللَّه"، وأنزل اللَّه هذه الآية (١).
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أيأمرُكم بإثبات الخلقِ بعد شهود الحقِّ؟!
قال: ويقال: أيأمرُكم بمطالعة الأشكال ومطاوعة الأمثال بعدَ أنْ لاحَ في أسراركم أنوارُ التَّوحيد، وطلعَتْ في قلوبكم شموسُ التَّفريد (٢).
* * *
(٨١) - {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}.
(١) رواه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٢٥٠) عن الحسن، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ١٠١).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٥٤ - ٢٥٥).