وقال السُّدِّي: هذا (١) أخذُ ميثاقِ ذريَّةِ آدمَ المذكورِ في قوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية الأعراف: ١٧٢ (٢).
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: قال الكسائيُّ: قيل فيه بوجهين:
أحدهما: ميثاقَ الذين منهم النبيُّون، وهم بنو إسرائيل، وكلُّ ميثاقٍ ذكره اللَّه في القرآن في أهل الكتاب فإنما يُراد به بنو إسرائيل.
والثاني: أخذَ اللَّهُ ميثاقَ الأنبياء أن يصدِّق بعضُهم بعضًا، وأن يبلِّغوا كتبَ اللَّه تعالى إلى قومهم (٣).
وقال عليٌّ وابنُ عبَّاس وقتادةُ وطاوسٌ وطائفةٌ: هو ميثاقٌ أخذه اللَّه تعالى على النبيِّين أن يصدِّق بعضهم بعضًا؛ الآخِرُ الأوَّلَ، والأوَّلُ الآخِرَ (٤).
وهو على العموم، وليس لنبيٍّ على الخصوص، فإنَّ قولَه سبحانه وتعالى: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} هو على النَّكَرة، وليس على التَّعريف.
وقال الكلبيُّ وأبو روقٍ ومقاتلٌ والسُّدِّيُّ وعامَّة أهل التَّفسير: هذا أخذُ الميثاق على الأنبياء المتقدمين بالإيمان بمحمَّدٍ سيِّد المرسلِين (٥).
فإنَّ قولَه سبحانه وتعالى: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} وإن كان لفظه لفظَ النَّكَرة،
(١) في (ف): "هو".
(٢) لم أقف عليه عن السدي، وذكر نحوه الزجاج في "إعراب القرآن" (١/ ١٤٧).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٥٤٠ و ٥٤١) عن طاوس وقتادة والحسن، وهو في "تفسير الثعلبي" (٣/ ١٠٥) عن سعيد بن جبير وطاوس وقتادة والحسن والسدّي.
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٥٤٠ و ٥٤١) عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه والسدي.