وقرأ عاصم في رواية حفصٍ بياء المغايبة فيهما، والباقون بتاء المخاطبة فيهما (١).
{تبغون} أي: تطلبون، وقد بَغَى بِغاءً بكسر (٢) باء المصدر؛ أي: زنى، وبَغَى بَغيًا؛ أي: ظَلم.
قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}: أي: انقادَ له كلُّ مَن فيهما؛ إمَّا طوعًا، وهم الموحِّدون، وإمَّا كرهًا، وهم الجاحدون بما فيهم مِن آثار الصُّنع ودلائلِ الحدوث، وتصريفِهم كيف يشاء (٣) إلى صحةٍ ومرضٍ، وغنًى وفقرٍ، وسرورٍ وحزنٍ، وسائر الأحوال.
وله وجوهٌ أُخَرُ بيَّناها عند قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} البقرة: ١١٦.
وقيل: الخطابُ للنَّصارى في قولهم للمسيح؛ أي: أيقولون (٤) في المسيح ما يقولون وهو كان منقادًا للَّه تعالى.
قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}: أي: إلى جزائه في الآخرة على الخير والشرِّ، وهو ترغيبٌ وترهيبٌ.
وقيل: هو بناءٌ على قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ}؛ أي: كما انقادوا له في الدُّنيا يصرِّفهم كيف يشاء، فكذا بعثُهم بعد موتهم مِن تصريفه إيَّاهم على ما شاء وهم لا يملكون امتناعًا، وعلى ذلك قوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} الفرقان: ٣.
(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٨٩).
(٢) في (أ): "بضم".
(٣) في (أ): "شاء".
(٤) في (ف): "المسيح أي تقولون".