(٨٥) - {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} أي: يطلب {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}.
وقال (١) الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: إنَّ (٢) مَن دان غيرَ دِين الإسلام فإنما يتقرَّب به إلى اللَّه؛ لأنَّ كلَّ متدينٍ بدينٍ فإنه يقصد بذلك التقرُّب إلى اللَّه تعالى، فـ أَخبر أن ذلك غيرُ مقبولٍ منه؛ لأنَّ الدِّينَ عند اللَّه الإسلام، وهو الدِّين المرضيُّ وعليه الثَّوابُ؛ قال اللَّه تعالى خبرًا عن الكفار: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الزمر: ٣ (٣).
قوله تعالى: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: أي: لأنه عمل عملًا لا ينتفع به عند حاجته إليه في الآخرة، ولأنه فاته ما كان يمكنه نيلُه من النعيم المقيم والخلود في الجنان لو أسلم.
قال الكلبيُّ: نزلت الآية وما بعدها في عشرة رهطٍ كانوا آمنوا باللَّه ورسوله ثم ارتدُّوا عن الإسلام (٤) ولحقوا بمكَّة (٥).
وقال مقاتل: نزلت في اثني عشر رجلًا ارتدُّوا عن الإسلام، وخرجوا من المدينة، ثم انصرفوا إلى طريق مكَّة فلحقوا بالكفَّار، منهم طعمة بن أُبيرق الأنصاريُّ، ومِقْيَس بن صُبابة اللَّيثي، وعبد اللَّه بن أنس بن خطل من بني تيم بن مُرَّة، ووَحْوح بن
(١) في (ر): "قال".
(٢) في (أ): "أي".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤١٩)، وما بين معكوفتين منه.
(٤) "عن الإسلام" ليس في (أ).
(٥) ذكره عن الكلبيِّ السمرقنديُّ في "تفسيره" (١/ ٢٥٣)، وذكر نحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" (١/ ٣٠١) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.