حيث نفى عنهم الهداية حالَ الكفر، وفيه إبطالُ قولِ المعتزلة: إنَّ هدى اللَّه هو البيانُ لا غير، وقد بيَّنَ للكافر، ومع ذلك نفى عنهم ذلك.
وقال في معنى الآية: يحتمل أن هذا كان في قومٍ مخصوصين بأعيانهم، علمَ اللَّه منهم أنهم لا يؤمنون.
وقال: وقيل: معناه: لا يهديهم ما داموا مختارين للكفر (١).
* * *
(٨٧) - {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (٢): {أُولَئِكَ}؛ أي: أهل هذه الصِّفة {جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ}؛ أي: طَرْدَه وإبعاده، ومن الملائكة: دعاؤهم باللَّعنة، ومن الناس أجمعين كذلك.
أمَّا المؤمنون فإنهم يلعنون الظَّالمين، والظَّالمون يقولون: لعنَ اللَّهُ الظَّالمين، لاتِّفاق الكلِّ على قبح الظُّلم، واستحقاقِ الظَّالم اللَّعنةَ، وهو لا يعتقد نفسه ظالمًا، فترجعُ اللَّعنة منه على (٣) نفسه بقوله.
وقيل: هو في الآخرة؛ قال تعالى: {وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} العنكبوت: ٢٥.
وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: لعنُ الملائكةِ قولُهم: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} الزخرف: ٧٧، ولعنُ النَّاسِ قولُهم: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} الأعراف: ٥٠ (٤).
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٢٠ - ٤٢١).
(٢) "أولئك جَزاؤهم أن عليهم لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين": من (ف).
(٣) في (أ) و (ف): "ويرجع لعنه إلى" بدل: "فترجع اللعنة منه على".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٢١).