وكان إصرارُهم على الكفر لأخذ أموال النَّاس، فأخبرَ أنَّه لا ينفعُهم، ولا ينفعُ الافتداءُ بملء الأرض ذهبًا.
وقيل: هذا (١) تبعيدٌ؛ أي: لا يكون هذا أبدًا، لا أن يملكَه (٢) فيفتديَ به فلا يقبلَ، كما في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} الأعراف: ٤٠.
* * *
(٩٢) - {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.
قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}: انتظامُها بما قبلها: أنَّه ذكرَ أنَّه لا يُقَبَل مِن الكافر الافتداءُ بملء الأرض ذهبًا، ولن ينجوَ من النَّار، ولن يدخل الجنَّة، وحثَّ في هذه الآية المؤمنَ على الإنفاق بما أمكنه قلَّ أو كثرَ؛ فإنَّه ينفعُه وينجِّيه من النَّار ويدخلُه الجنَّةَ.
وقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا}؛ أي: لن تُصيبوا.
وقوله: {الْبِرَّ} قال عطيةُ العوفيُّ: البرُّ: الطَّاعةُ.
وقال أبو روقٍ: البرُّ: الخيرُ.
وقال مقاتل بن حيَّان: البرُّ: التَّقوى (٣).
وقيل: هو جماعُ الطَّاعات.
وهذه الأقاويل ترجع إلى قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} -الآية- {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} البقرة: ١٧٧.
(١) في (ف): "هو".
(٢) في (ر) و (ف): "يملكه".
(٣) ذكره عنهم الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ١٠٩)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (١/ ٣٠٣). ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٠٣) عن مقاتل.