وقيل: سمِّيت بكَّة من قولهم: بكَّهُ يبكُّهُ: إذا زحمه، وتباكَّ النَّاسُ؛ أي: تزاحموا، سميت بذلك لازدحام النَّاس بها في الحجِّ.
وقيل: سُمِّيت بها لأنَّ النَّاس يتباكُّون حولها وفيها؛ أي: يتدافعون، وقد (١) بكَّه يبكُّه؛ أي: دفعه، قال الشَّاعر:
إذا الشَّريبُ أخذَتْهُ أَكَّةْ... فخَلِّهِ حتَّى يَبُكَّ بَكَّةْ (٢)
أي: حتى يدفعَ إبله دفعةً فيسقيها، والأكَّةُ: الغَضْبةُ.
وسُمِّيت مكَّة لأنها تمكُّ الذنوب؛ أي: تَذهبُ بها كلِّها، من قولهم: مكَّ الفصيلُ أمَّه وامْتَكَّ: إذا امتصَّ ضرع أمِّه وشرب كلَّ ما فيه.
وقيل: مكَّة اسمٌ لكل البلدة، وبكَّة قَدْرُ موضع الكعبة من الأرض.
وقيل: بكَّة أرض مكَّة.
وذكر الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه عن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما أنه قال: مكَّة من فجٍّ إلى التنعيم إلى المنحر، وبكَّة (٣) من البيت إلى البطحاء (٤).
قوله: {مُبَارَكًا}: أصل البركة: ثباتُ الخير ودوامُه ونموُّه، والبِرْكة: الحوضُ من ذلك، وبروك الجمل من ذلك، وتبارك (٥) اللَّه؛ أي: كثُرَ خيرُه ودامَ، ونصبه لوجهين:
(١) في (أ): "فيها أي يتدافعون فيها وقام"، بدل: "حولها وفيها أي: يتدافعون وقد".
(٢) الرجز لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد التميمي كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ١١٤)، و"تاج العروس" للزبيدي (مادة: أكك)، ومعنى الرجز كما في "تاج العروس" (مادة: بكك): إذا ضجر الذي يورد إبله مع إبلك لشدة الحر انتظارًا فخله حتى يزاحمك.
(٣) في (ر): "بكلة. . . ومكة".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٢٨)، والأثر رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٠٩).
(٥) في (أ): "وبارك".