وإذا وقف بعرفات عرفَ الحقَّ سبحانه، وعرفَ له حقَّه على نفسه، ويتعرَّف إلى اللَّه تعالى بتبرُّئه عن قوَّته وحوله، والحقُّ سبحانه يَتَعَرَّفُ إليه بتولِّيه بمنَّته وطَوله.
وإذا بلغَ المشعر الحرام يذكر مولاه بلسان نفسه، ولا يصحُّ ذكرُه ربَّه مع ذكر نفسه.
فإذا بلغ منًى نفى عن قلبه كلَّ طلبٍ ومُنًى، وكلَّ شهوةٍ وهوًى.
فإذا بلغ رميَ الجمار رمى عن قلبِه وحذفَ عن سرِّه كلَّ علاقةٍ في الدُّنيا والعقبى.
فإذا ذبح ذبح هواه بالكليَّة، وتقرَّب به إلى اللَّه تعالى.
فإذا دخل الحرم عزم على التَّباعد عن (١) كلِّ محرَّم.
فإذا وقعَ طَرْفه على البيت شهد بقلبه ربَّ البيت.
فإذا طافَ بالبيت أخذ سرُّه في الجولان في الملكوت.
فإذا سعى بين الصَّفا والمروة صفا عن كلِّ كدورة بشريَّةٍ وكلِّ آفةٍ إنسانيَّةٍ.
فإذا حلقَ قطعَ (٢) كلَّ علاقةٍ بقيت له.
وإذا تحلَّل (٣) من إحرام نفسه وقَصْدِه إلى بيت ربِّه استأنف إحرامًا جديدًا بقلبه.
وكما خرج من بيت نفسه إلى بيت ربِّه يخرج من بيت ربِّه إلى ربِّه، فمَن
(١) في (أ): "من".
(٢) في (ر): "قطع عن".
(٣) في (أ): "فإذا تحل" بدل: "وإذا تحلل".