وقال بعضُ الشُّعراء في الشَّيب والخضاب:
يا بياضَ القرونِ سوَّدْتَ وجْهِي... عندَ بِيضِ الوجوهِ سودِ القرونِ
فلَعَمْري لأخضبنَّكَ (١) جُهدي... عَنْ عِياني وعَنْ عِيانِ العُيونِ
بسوادٍ فيه بياضٌ (٢) لوجْهِي... وسوادٌ لوجهِكَ الملعُونِ (٣)
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ، وأُضمر هاهنا: (فيقال لهم)، والقولُ يضمَر في موضع يُعرف ولا يَخفى، ومن ذلك قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} الأنعام: ٩٣.
واختلفوا في الكفر بعد الإيمان:
قال الحسنُ: هم الَّذين كفروا بعد إظهار الإيمان بالنِّفاق (٤).
وقال قتادة: هم الَّذين ارتدُّوا (٥).
وقال أبيُّ بن كعبٍ: هم جميع الكفَّار أعرضوا عن إيمانهم يوم الميثاق (٦).
وقال الزَّجَّاج: هم اليهود والنَّصارى كفروا بمحمَّدٍ عليه السلام بعدما آمنوا به قبلَ مبعثِه (٧).
= صدقة بيضت وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ووجوه أصحابه صدقة طيئ. . .).
(١) في (ف): "لأخفينك".
(٢) في (ف): "ابيضاض".
(٣) الأبيات لعلي بن العباس الرومي، كما في "أمالي القالي" (١/ ١١٢)، و"زهر الآداب" للقيرواني (٢/ ٤٥٧)، و"نهاية الأرب" للنويري (٢/ ٣٠).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٦٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٢٩).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٦٤).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٦٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٣٠).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٥٥).