وقيل: الأذى: هو إسماعُهم المكروه في عيسى ومحمَّدٍ، والطَّعنُ في شرائعِهما.
ولَمَّا حثَّهم في الآية الأولى على القتال الذي هو حقيقةُ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وعدَهم ما أَمِنوا به وقوع الضَّرر منهم في أنفسهم وأموالهم وأهليهم (١) وذراريهم، وأنهم إذا قاتلوهم انهزموا، وذلك:
قوله تعالى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ}؛ أي: يوجِّهوا إليكم ظهورَهم {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}: في الدُّنيا عند الهزيمة، ولا في الآخرة عند العقوبة.
قوله تعالى: {ثُمَّ} حرفُ عطفٍ، وهو هاهنا (٢) لعطف الإخبارِ لا على وجه الجزاءِ، ولذلك ثبتَتِ النُّون في آخره ولم تسقط، ولم يُجزم على جزاء الشَّرط كقوله تعالى: {يُوَلُّوكُمُ}؛ لأنَّ سببَ التَّوليةِ القتالُ، فجُعِلَ جزاءً للقتل، ومَنع النَّصرِ للكفرِ لا للقتالِ، فلذلك لم يَلحقْ به في الجزاء.
وفي الآية أبلغُ بشارةٍ لهم بما يَؤُول إليه حالهم وحالُ عدوِّهم.
وفيه دلالةُ صحَّة نبوَّة نبيِّنا محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام؛ حيثُ أَخبرَ عمَّا لم يكن، فكان كما أَخبرَ، فما قاتلَهم إلَّا ظَفِر بأيسر مُؤْنةٍ، وهو ظاهرٌ في حديث فتح خيبر، وإجلاء بني النَّضير، وقتلِ بني قريظةَ وسَبْيِهم.
ثمَّ اليهود بعد ذلك اليوم (٣) مقهورون إلى اليوم في كلِّ البلاد، ولا يقوم (٤) لهم رايةٌ إلى يوم القيامة (٥).
(١) في (أ) وهامش (ف): "وأهاليهم".
(٢) في (ر) و (ف): "ها هنا لفظٌ".
(٣) "اليوم" ليس في (ف).
(٤) في (ر): "ولم تقم".
(٥) في (أ) وهامش (ف): "التناد".