وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه في قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}: إنَّ الحقَّ لا يُسلِّطُ أعداءَه على أوليائِه إلَّا بمقدارِ ما يَصدقُ إليه فرارُهم، فإذا حقَّ ذلك أكرمَ لديه قرارهم، وإن استطالوا على الأولياء بموجبات حسناتهم انعكس الحالُ بالصّغَرِ والهوان عليهم (١).
* * *
(١١٢) - {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.
قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ}: أي: أُلزموا الذُّلَّ، كالشَّيء يُضرَب على الشَّيء فيَلْصَق (٢) به.
قوله تعالى: {أَيْنَ مَا ثُقِفُوا}: أي: في أيِّ مكانٍ وأيِّ زمانٍ وُجدوا في دار الإسلام.
قوله تعالى: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ}: أي: بعهدِ اللَّهِ (٣)؛ لأنَّه يُتعلَّق به للسَّلامة كما يُتعلَّق بالحبل المفتول.
قوله تعالى: {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}: قال الضحَّاكُ: هو محمَّدٌ عليه السلام، كما في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} النساء: ٥٤، وكان وادَعَهم مدَّةً أنْ لا يقاتلهم (٤).
(١) انظر: "الطائف الإشارات" (١/ ٢٧٠)، وفيه: (وإن استطالوا على الأولياء بموجب حسبانهم انعكس الحال عليهم بالصغار والهوان).
(٢) في (ف): "فيلزق".
(٣) لفظ الجلالة ليس في (أ).
(٤) ذكره الماتريدي في "تفسيره" (٢/ ٤٥٧) عن مقاتل. وروى الطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٨٤) عن =