وقال: ومَن يعمل ذلك كلَّه فهو صالحٌ (١).
وانتظامُها بما قبلها: أنَّه قال: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}، ثم ذكرهما فقال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً}.
فإنْ قالوا: لِمَ ذكرَ أحدَ الفريقَيْن، ولم يذكرِ الفريقَ الآخرَ بعد ذِكْرِ نفي التَّسوية، وذاك لا يقوم بالواحد؟
قلنا: قال الفرَّاءُ: إنَّه حذَف أحدهما وهو مرادٌ، بدلالةِ ما تقدَّم عليه، وهو كقول أبي ذؤيب:
دعاني (٢) إليها القلبُ إنِّي لأمرها... مطيعٌ فما أدري أَرُشْدٌ طِلابُها (٣)
يعني: أرشدٌ أم غيٌّ، فحذف هذا (٤).
فعلى هذا تقدير الآية: أمَّةٌ قائمةٌ وأمَّةٌ غير قائمةٍ، و {أُمَّةٌ} (٥) على هذا رفع بـ {لَيْسُوا}، وإنَّما جُمِع مع أنَّه متقدِّمٌ، كما في قوله: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} المائدة: ٧١، وقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} الأنبياء: ٣.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٤٦٠).
(٢) في (أ): "عصاني" وهو صحيح أيضًا، وانظر التعليق الآتي.
(٣) انظر: "ديوان الهذليين" (١/ ٧١)، و"عيار الشعر" لابن طباطبا (ص: ٩٨)، وفيهما: "لأمره" بدل "لأمرها"، وفي "معاني القرآن" للفراء:
عصيت إليها القلب إني لأمرها
وقد ذكر الأستاذ محمود شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (١/ ٣٢٧) أن معنى البيت لا يستقيم على رواية: (عصيت)، بينما (دعاني) و (عصاني) روايتان صحيحتان.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ٢٣٠).
(٥) "وأمةٌ" ليس في (ف).