وقوله: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} الذاريات: ٢٩؛ أي: في (١) صيحةٍ.
والصَّرصرُ: الرِّيحُ الشَّديدةُ البردِ أيضًا.
وقال مقاتلٌ: الآيةُ في إنفاق سفلةِ اليهودِ على رؤساء اليهود (٢)؛ يقول: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} لا للآخرة، وهي في تظاهُرهم على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكتابة الكتاب المحرَّف، واستمالة العوامِّ، في عدم النَّفع وعودِ الضَّرر عليهم عاجلًا وآجلًا كمثل ريحٍ فيها بردٌ شديدٌ.
{أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}: بمنع حقوق (٣) اللَّه تعالى في مالهم.
{فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}: بالكفر والمعاصي ومنعِ حقوق (٤) اللَّه تعالى، بيَّن أنَّ إهلاك (٥) الزَّرع عقوبةٌ على المنع وسوء الصُّنع.
وقيل: ظلموا أنفسهم بأنْ زرعوا في غير موضع الزَّرع أو في غير وقته؛ لأنَّ الظُّلم: وضعُ الشَّيء في غير موضعِه.
ووجهُ المثَل: أنَّ أهل الحرث عملوا وتعبوا وهلك حرثُهم وضاع سعيُهم فلم يحصلوا على شيءٍ (٦)، فكذا هؤلاء في إنفاقهم، لا نفع لهم، وليس لهم إلَّا التَّعبُ والخَيبة، ونظيره قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} الآية النور: ٣٩.
(١) "في" ليس في (أ).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٩٦ - ٢٩٧)، و"تفسير الثعلبي" (٣/ ١٣٣)، و"البسيط" للواحدي (٥/ ٥٢٣).
(٣) في (أ): "حق".
(٤) في (أ): "حق".
(٥) في (أ): "هلاك".
(٦) في (أ): "ذلك".