وقال يَمانُ بن رِئابٍ (١): الآية في نفقة أبي سفيان وأصحابه يوم بدرٍ، وكان يطعمُهم كلَّ يومٍ واحدٌ من رؤسائهم، وفيهم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا} الآية الأنفال: ٣٦.
وقيل: نزلت في نفقة المنافقين مع المسلمين في حرب المشركين (٢) مراءاةً للمؤمنين.
وقول مقاتل في النُّزول أوفقُ لِمَا قبله.
* * *
(١١٨) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ}: البطانةُ: خاصَّة الرَّجل الذين يُظهر لهم ما في الباطن، ويكشفُ السرَّ لهم، وفلانٌ بطانةٌ لفلانٍ؛ أي: مداخلٌ له، تشبيهًا ببطانة الثَّوب الذي يلي بدن الإنسان في القرب.
قال ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: نهى اللَّهُ المؤمنين أن يتَّخذوا اليهود بطانةً من دون المؤمنين فيُفشون إليهم أسرارهم (٣).
(١) في الأصول الثلاثة: "رباب"، والصواب: المثبت. وهو يمان بن رئاب الخراساني، كان نظارًا متكلمًا، ومن أئمة الخوارج، وأخوه علي بن رئاب من أئمة الروافض، وأخوه هارون بن رئاب من أئمة السنة، وكانوا متعادين. وله: "إثبات إمامة أبي بكر الصديق"، و"أحكام المؤمنين"، و"كتاب التوحيد". انظر: "الضعفاء" للدارقطني (٣/ ١٣٧)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (٣/ ٥٤٣)، و"هدية العارفين" للباباني (٢/ ٥٤٨)، و"الفهرست" لابن النديم (ص: ٢٢٧).
(٢) بعدها في (ف): "في".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٧٠٩).