قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}: أي: ما تضمِر قلوبُهم مِن قتلِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن الكفر باللَّه أعظمُ ممَّا أظهروه من التَّكذيب.
قوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}: أي: أخبرناكم بالقرآن ما أرادوا وما أَخْفَوا.
وقال مقاتل: نزلت الآية في حقِّ المنافقين (١).
وقال ابن كيسان: معناه: لا تتَّخذوا المنافقين (٢) أخلَّاء دون المؤمنين، وذلك أنَّ الرَّجل من المؤمنين كان يُوادُّ المنافقين على الدُّنيا، فنُهوا عن ذلك؛ لأنَّهم لا يَدَعونَ أن يُلبِّسوا عليهم ويصدُّوهم عن الدِّين.
ومعنى قوله تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} على هذا: أنَّه يجري في كلامهم ما يُستدلُّ به على ذلك، وكذا في وجوههم؛ قال تعالى: {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} محمد: ٣٠، وهو في آياتٍ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} التوبة: ٥٨، {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} المنافقون: ٧، {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} التوبة: ٦١، {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} الأحزاب: ١٣، {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} البقرة: ١٣ ونظائرِها.
قوله تعالى: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} هذا (٣) ظاهرٌ.
وقوله: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ}؛ أي: العلامات المميِّزة بين الأولياء والأعداء {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}؛ لأنَّ العاقلَ لا يركنُ إلى مَن يريدُ به السُّوء، ولا يثقُ إلَّا بَمْن يعلم أنَّه يريد به (٤) الخير.
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٧٤٤).
(٢) في (أ): "الكافرين".
(٣) "هذا": من (أ).
(٤) في (أ): "له".