قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ}: الهاء في: {جَعَلَهُ} يجوز أن تكون كنايةً عن القول الَّذي دلَّ عليه قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ}، ويجوز أن تكون كنايةً عن العدد، أو عن الإمداد، أو عن الوعد، أو عن النَّصر، أو عن إنزال الملائكة، يقول: ما فعل ذلك إلَّا ليبشركم (١) بالنَّصر.
قوله: {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ}: أي: ولتسكن قلوبُكم به، وهو عطفٌ على الأوَّل معنًى؛ لأنَّ قوله: {إِلَّا بُشْرَى}؛ أي: ليبشركم، أو أضمر فيه فعلًا قبلَه أو بعدَه، وتقديرُه: ولتطمئن قلوبُكم به فعلَ ذلك، أو فعل ذلك لتطئمنَّ (٢).
قوله تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}: أي: ليس ذلك من الملائكة، بل من اللَّه {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}؛ أي: العزيز في ملكه، الحكيم في حكمه.
وقيل: {الْعَزِيزِ}: المنيع الَّذي لا يلحقه عجزٌ، فلا يُتوقَّع النَّصرُ إلَّا مِن عنده، {الْحَكِيمِ}: الفاعل ما توجبُه الحكمةُ، فلا ينصرُ إلَّا أهله.
وقيل: {الْعَزِيزِ}: المنيع، فلا يُرام، وليس ما نال (٣) أعداؤه من أوليائه لعجزه، {الْحَكِيمِ}: يضع الأمور مواضعها تصرُّفًا في ملكِه، فلا اعتراض عليه إنْ نصرَ أو خذلَ.
* * *
(١٢٧) - {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ}.
قوله تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}: واتِّصالها بقوله: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} {لِيَقْطَعَ طَرَفًا}.
(١) في (ف): "ليسركم".
(٢) "أو فعل ذلك لتطئمن" ليس في (ف).
(٣) في (ف): "فعل".