وقوله: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: الباءُ حرفُ تضمينٍ وإلصاقٍ، ولها وجوهٌ خمسة:
أحدها: أنَّه متَّصلٌ بما تقدَّم: أعوذ باللَّه؛ أي: أعوذُ بسمِ اللَّهِ.
والثاني: أنَّه يتَّصل (١) بأمرٍ مُضمَرٍ أو إخبارٍ مُضمَرٍ؛ الأمر: ابْدَأ، للواحد، و: ابدؤوا، للجمع، والإخبار: أَبْدَأُ أنا، أَوْ: نَبْدَأُ نحن، والإخبارُ أَولى، ليُوافق ما قبله: أعوذُ وأبدأُ.
والثالث: أنَّ معناه: أَتيمَّن وأتبرَّك وأستعينُ وأستثبتُ وأستغيثُ بسمِ اللَّه.
والرابع: بسم اللَّه كان ما كان ويكون ما يكون.
ويحكى (٢) عن جعفرٍ الصادقِ أنَّه قال: أودعَ اللَّهُ تعالى علومَ كلِّ الكتبِ القرآنَ، وأودعَ علومَ القرآنِ الفاتحةَ، وأودعَ علومَ الفاتحة التسميةَ، وأودعَ علومَ التسميةِ الباءَ؛ أي: بي كان ما كان ويكون ما يكون.
وقيل: كَشْفُه: بإلهيَّتِه عرفه العارفون، وبعطفِه ارتزقَ العالِمون، وبرحمتِه نَجا المذنبون.
وقيل: كَشْفُه: باللَّه سَلِمت قلوبُ أولياءِ اللَّهِ عمَّا ليس فيه رضَى اللَّه، وبالرَّحمن سَحَت نفوسُ عبادِ اللَّه في خدمةِ اللَّه، وبالرَّحيم تخلَّصت أرواحُ أصفياءِ اللَّهِ عمَّا يُوجِب سخطَ اللَّهِ.
والخامس: أنَّه خبرُ مبتدأ مُضمَرٍ؛ أي: هذا بسمِ اللَّهِ، كقوله: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} النور: ١؛ أي: هذه سورة، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} ص: ٢٩؛ أي: هذا كتاب.
(١) في (ف): "متصل".
(٢) في (أ): "وحكي".