قوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}: هذا ابتداء، وهم المنافقون وكان (١) حضورهم للغنيمة، فلما فاتهم وخافوا على أنفسهم الاستئصالَ ولم يكونوا من أهل الكرامة، لم يؤمِّنهم ولم يُنِمْهم فبَقُوا في الغموم.
وقال سيبويه: {وَطَائِفَةٌ} هذه واوُ الحال؛ أي: إذ طائفةٌ (٢).
{قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}؛ أي: حملتهم على الهمِّ؛ يقال: همٌّ مُهِمٌّ، وأمرٌ مهمٌّ، ويقولون: همُّكَ ما أَهَمَّكَ.
ثم قوله تعالى: {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} يَصلُح أن يكون خبرًا للابتداء وما بعده كذلك، ويجوز أن يكون قد أهمتهم صفةً لهم وما بعده خبرًا.
وقوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} (٣)؛ أي: أنْ لا ينصرُ محمدًا.
وقوله: {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}: قيل: أي: ظنَّ أهلِ الجاهلية، وهي حالةُ الكفر، والإضمارُ سائغ.
وقيل: أي: كظنِّهم في الجاهلية، يعني: كانوا يقولون في أنفسهم: لو كان المسلمون على حقٍّ لم تَنَلْهم هذه النكبةُ، ولم يعلموا أن اللَّه يبتلي عبادَه بما شاء ليتميَّز المخلِص من غيره.
وقوله تعالى: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ}: أي: من النصر والعلوِّ، وهو استفهام بمعنى الجَحْد؛ أي: لسنا محقِّين فلسنا بمنصورين.
(١) في (ف): "كان".
(٢) في (أ): "وإذ طائفة"، والمثبت من باقي النسخ والمصادر، وهو الصواب. انظر: "الكتاب" (١/ ٩٠)، و"معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٧٩)، و"الحجة" للفارسي (١/ ١٥٦)، و"البسيط" للواحدي (٦/ ٩٢)، و"إعراب القرآن" لأبي القاسم الأصفهاني (ص: ٣٢).
(٣) بعدها في (ر): "خبر".