أي: لو تخلَّفْتُم فمكَثْتُم في منازلكم بالمدينة لخرج الذين كتب عليهم القتل في اللوح المحفوظ إلى مصارعهم بأُحد، يقول: ما حكَم اللَّه فهو كائن لا محالة لا دافع له ولا رافع.
وقيل: معناه: أن المنافقين قالوا: لو لم نخرج نحن ما خرج (١) المخلِصون من الأنصار، فإنهم يقتدون بنا اعتضادًا بنا، فقال اللَّه تعالى: لو تخلَّفتم أيها المنافقون لخرج المخلِصون الذين آمنوا بي وبرسولي، فهم أطوعُ لي وأحرصُ على قتال العدوِّ من أن يتخلَّفوا لتخلُّفكم.
وقوله تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ}: أي: ليُظهر ما في قلوبكم من النفادتى، والواوُ مقحَمة زائدةٌ عند بعضهم، وتقديره: ثم أنزل عليكم كذا ليبتلي.
وقيل: الواو ثابتة، وهو معطوف على قوله: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا}.
وقيل: في آخره إضمار (٢)؛ أي: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ} {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} أمركم بالجهاد.
والتمحيص: التخليص، ومعناه: أن المسلمين كانوا يرتابون في أمر المنافقين، فأراد أن يزيل عنهم الشك في أمرهم.
وقيل: الخطاب في الابتلاء والتمحيص للمخلِصين المذكورين في قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ}؛ أي: فعَل ذلك ليُظهرَ ثقتكم وإخلاصكم (٣).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور}: أي: بما فيها من الخير والشر، وهو
(١) في (أ) و (ف): "لم يخرج".
(٢) في (أ): "مضمر".
(٣) في (ر): "نفاقكم وإخلاصكم"، والكلام من قوله: "تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ. . .} " إلى هنا ليس في (ف).