وعدٌ ووعيدٌ، يقول: لا يبتليكم ليعلم ما في صدوركم فإنه عالمٌ بها، لكن يعاملكم معاملةَ المختبِر ليجزيَكم على عملكم لا على علمه، أو: ليبتليكم (١) المؤمنون ليعلموكم، فأضاف ابتلاءَهم إلى نفسه تشريفًا لهم.
* * *
(١٥٥) - {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُم}: أي: انهزموا من المسلمين دون المنافقين {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}؛ أي: اجتمع الجندان: جندُ المسلمين وجند الكافرين (٢) {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}؛ أي: حملهم على هذه الزلة.
وقوله: {بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}؛ أي: ببعض ذنوبهم؛ من حبِّ الحياة، أو الرغبة (٣) في المال، أو عصيان الرماة بترك المركز، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}: أي: تجاوز اللَّهُ عنهم هذه الزَّلة.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} يغفر الذنب ولا يَعْجَل بالعقوبة.
وقيل: {اسْتَزَلَّهُمُ}؛ أي: ذكَّرهم خطايا سلفت منهم، فكرهوا أن يقتلوا ولم يتوبوا (٤) منها، فذهبوا رجاء أن يتوبوا ويستغفروا ثم يموتوا من (٥) بعدما طهروا؛ قال
(١) في (أ) و (ف): "يبتليكم".
(٢) في (أ): "المشركين".
(٣) في (ر): "والرغبة".
(٤) في (ف): "ذكرهم خطاياهم التي سلفت منهم ولم يتوبوا".
(٥) "من" من (ف).