ليزولَ عنهم كلُّ تعبٍ ونصَبٍ وأنه يعامل كلًّا بما يستوجبه، فقومٌ يُغْنيهم عند توكلهم بعطائه، وآخرون يكفيهم عند توكُّلهم بغطائه وقوم يرضيهم في عموم أحوالهم حتى يكتفوا ببقائه، ويقفوا معه به له (١) على تلوينات قدَره وقضائه (٢).
* * *
(١٦٠) - {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
قوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ}: النصر (٣) نوعان: معونةٌ ومنعٌ.
وقوله تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}: الخذلان: ترك النُّصرة، و (مَن) استفهامٌ لتقرير النفي، لأن جوابه يكون بالنفي فأغنى ذكرُه عن ذكره، و {ذَا} بمنزلة اسمٍ هو خبرٌ للابتداء (٤)، و {الَّذِي} نعته، و {مِنْ بَعْدِهِ} كناية عن الخذلان.
وقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}: تقريرٌ للأمر بالتوكُّل، وبيانٌ للمعنى الموجِبِ للتوكُّل الداعي إليه.
قال القشيري رحمه اللَّه: حقيقةُ النصرة أن ينصرك على نفسك فإنها أعدى عدوِّك، وهي أن يهزم عنك (٥) دواعيَ فتنتها بعواصم رحمته، حتى تنفضَّ جنود الشهوات بهجوم وفود المنازلات، فتبقى الولاية للَّه تعالى خالصةً من رُعونات الدواعي التي هي أوصاف البشرية وشهواتُ النفوس.
(١) في (أ): "بدله" بدل "به له". والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٩١).
(٣) في (أ): "النصرة".
(٤) في (ر): "الابتداء".
(٥) في (أ): "عندك".