أي: قال هؤلاء المنافقون لعشائرهم {وَقَعَدُوا} أي: وتخلَّفوا عن الجهاد: {لَوْ أَطَاعُونَا} أي: المستشهَدون فلم يخرجوا ولم يشهدوا القتال {مَا قُتِلُوا}؛ أي: لم يُستشهَدوا وكانوا (١) أحياءً.
وقوله تعالى: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: أي: قل يا محمد: فادفعوا عن أنفسكم الموت إذ لم تحضروا القتال إنْ صدَقتم أنَّ مَن لم يشهد القتال حيٌّ فلم يَتلَفْ، وهذا ردٌّ عليهم ما قالوه من الكلام.
وقال أبو القاسم بن حبيب: رأيتُ في بعض التفاسير أنه مات يوم قالوا هذه الكلمة سبعون منافقًا ممن لم يخرجوا إلى الحرب.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وهذه الآيةُ تردُّ على المعتزلة قولَهم: إنَّ مَن قُتل مات قبل أجَله (٢).
* * *
(١٦٩) - {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا}: هذا نهيٌ مؤكَّد بالنون المشدَّدة، وهو خطاب للنبيِّ عليه السلام.
وقرأ ابن عامر وحمزةُ وعاصمٌ غير الأعمش: {وَلَا تَحْسَبَنَّ} بفتح السين والباقون بكسرها (٣)، وهما لغتان.
(١) في (أ) و (ف): "فكانوا".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٥٢٨).
(٣) انظر: "التيسير" (ص: ٨٤).