الذي في الفم حقيقة في المتكلم (١) بالآلة، وهو كقوله تعالى: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} الأنعام: ٣٨ {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} النحل: ٢٦ و: {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} البقرة: ٧٩.
وقيل: قيّد بالأفواه نفيًا للمجاز وتحقيقًا للمذكور؛ لأن ما في النفْس يسمَّى قولًا، وكذا الإخبارُ بالكتابة يسمَّى قولًا مجازًا.
ثم قولُه تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} قيل (٢): أي: يقولون: لا تقع الحرب، وفي قلوبهم أنها تقع.
وقيل: أي: يُظهرون الإيمان بألسنتهم وليس ذلك في قلوبهم.
وقيل: أي: يقولون بالألسنة: نحن أنصارٌ، وهم أعداء.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}: أي: يُخفون من النفاق.
* * *
(١٦٨) - {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}: قيل: هو نعتٌ لقوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} ومحلُّه نصبٌ.
وقيل: هو رفعٌ، ويرجع إلى قوله: {يَكْتُمُونَ} (٣).
وقيل: هو خبرُ ابتداء، وتقديره: هم الذين.
(١) في (أ) و (ف): "المتكلم".
(٢) في (ر): "وقيل"، وليست في (أ).
(٣) أي هو بدل من الواو في {يَكْتُمُونَ}. انظر: "البحر المحيط" (٦/ ٢٧٨).