وقوله تعالى: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}؛ أي: أبا سفيان وأصحابَه جمعوا لكم الجموعَ؛ أي: الجيوش.
وقوله تعالى: {فَاخْشَوْهُمْ}: أي: فاحذروهم فإنكم لا تقاومونهم.
قوله تعالى: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}: (زاد) يتعدَّى إلى مفعولين، والإيمان هو اليقين هاهنا، وفاعل (زاد) هو: قولهم، وهو غيرُ مذكور، ولكن دل على هذا الإضمار الفعلُ، وهو قوله عز وجل: {قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} وهو كقول الشاعر:
إذا نُهِيَ السفيهُ جرى إليه... وخالفَ والسفيهُ إلى خلافِ (١)
أي: جرى إلى السَّفَه.
ومعنى زيادةِ اليقين بقولهم: {فَاخْشَوْهُمْ} ونحوِ ذلك: أنهم وجدوا الأمرَ على ما قال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا على ما قال أولئك.
وقيل: زادهم جرأةً (٢) وقوةً ولم يخافوا بتخويفهم.
وقيل: لمَّا قالوا ذلك كذَّبوهم وأجابوا دعوة الرسول وصدَّقوا وعده.
وقيل: أخبرهم النبيُّ عليه السلام بتفرُّق الأعداء، وأخبرهم المنافقون بالاجتماع، فوجدوا الأمر على ما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).
وقيل: لمَّا لم يضعفوا ولم يجبُنوا بقولهم، أنزل اللَّه السكينة في قلوبهم فازدادوا يقينًا وتصديقًا.
(١) البيت دون نسبة في "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٠٤ و ٢٤٩)، و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ١٤٤)، و"تفسير الطبري" (٦/ ٢٦٨)، و"الحجة" للفارسي (١/ ١٥٥)، و"معاني القراءات" للأزهري (٢/ ٤٦)، وغيرها من كتب التفسير والنحو والقراءات.
(٢) في (أ): "جرأءة".
(٣) وهذا عين القول الأول.