وفي قراءة أبيٍّ: (يخوِّفُكم بأوليائه) (١) وهذا أظهرُ، ونصبه بنزعِ الباء (٢).
وقيل: بل هو المفعولُ الأول، ومعناه: أن الشيطان يخوف أولياءَه المنافقين من المشركين، فيوسوس إليهم ويعظِّم أمورهم عندهم لئلا يخرجوا عونًا للمؤمنين.
وقيل: أي: مَن خافهم فإنما هو من أولياء الشيطان، وأما المؤمنون فلا يخافونهم، ومعنى الآية: أن قولهم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} هذا من إلقاء الشيطان في قلوبكم.
وقوله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: لأن الإيمان يقتضي خوف العبد من اللَّه تعالى دون غيره.
* * *
(١٧٦) - {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}: هو نهي المغايَبة؛ أي: لا تحزن بما يفعله الكفار من التجمُّع عليك، وبما يفعله المنافقون من مظاهرتهم على ذلك، وذلك مسارعتُهم في الكفر، وهو جُهدهم فيه، وسعيُهم في إطفاء نور اللَّه (٣)
(١) انظر: "البسيط" للواحدي (٦/ ١٨٦)، و"تفسير البغوي" (٢/ ١٣٩)، و"المحرر الوجيز" (١/ ٥٤٤). ورواها عن أبيٍّ الثعلبيُّ في "تفسيره" (٩/ ٤٧٢ - ٤٧٣).
(٢) في (ر): "بنزع الخافض". ومعنى الكلام: أن قراءة أبي تدل على أن {أَوْلِيَاءَهُ} في قراءة الجمهور منصوب بنزع الخافض الذي هو الباء، وقيل: هو (مِن)، وقراءة أبي ترجح الأول. انظر: "البسيط" للواحدي (٦/ ١٨٦).
(٣) في (أ): "وهو حدُّهم فيه وإطفاؤهم من نور اللَّه".