وقوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرً}: فإنهم يقولون في اللَّه ما هو منزَّه عنه.
ورُوي أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين، ويحرِّض المشركين على قتالهم، فشَقَّ ذلك على المسلمين، فاحتالوا في قتله حتى قتله محمد بن مَسْلَمةَ (١).
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}: أي: {وَإِنْ تَصْبِرُوا} على الأذى {وَتَتَّقُوا} هو اللَّه فلا تخالفوه فيما أمر {فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}؛ أي: مِن عَمَل أهلِ الحزم والعزم.
وقيل: من الأمر الذي ظهَر رشدُه وصوابه وصلاحه.
وقيل: أي: مما يجب أن يَعزِم عليه كلُّ عاقل.
* * *
(١٨٧) - {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}.
قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}:
واتصالها بما قبلها: أنه دعا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الصبر على أذاهم في الآية الأولى، وبيَّن (٢) في هذه الآية أنهم لا يؤذونه من (٣) خفاءِ حاله عليهم (٤)، فقد أخذ الميثاق عليهم بأن يبيِّنوا حاله وعرَّفهم ذلك.
(١) رواه مطولًا البخاري (٤٠٣٧)، ومسلم (١٨٠١)، من حديث جابر رضي اللَّه عنه.
(٢) في (ر): "وبين هو".
(٣) في (ف) و (أ): "عن".
(٤) "عليهم" ليس من (أ).