والفاحشة: الفعلةُ القبيحةُ، وهي الزِّنا هاهنا.
واتصالها بما قبلَها: أنَّه أمر بالإحسان إليهنَّ في أوَّل آيات السُّورة، وأمر هاهنا بالتَّغليظ عليهنَّ إذا زنَين، وهو إحسانٌ إليهنَّ في الحقيقة، ونظرٌ لهنَّ في الآخرة، وإصلاحٌ لهنَّ (١)، وبيانٌ أنَّه ليس من الإحسان تعطيل الحدود الواجبة عليهنَّ، بل فيه إفسادُهنَّ.
وفيه أيضًا تعريف أنَّ اللَّه تعالى كما يستوفي لعباده، كذلك (٢) يستوفي عليهم؛ إذ ليسَ في حُكمه محاباةٌ.
قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}: أي: اسألوا أيُّها الأئمة الَّذين إليكم إقامةُ الحدود شهادةَ أربعة من الشُّهود على زناهنَّ.
وقوله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا}: أي: شهد (٣) الأربعة على ذلك {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}؛ أي: احبسوهنَّ، وكان هذا حدَّ الزِّنا في الابتداء.
قوله تعالى: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}: أي: إلى أنْ يستوفيَ مدَّةَ حياتهنَّ الموتُ.
قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}: أي: مَخْلَصًا عن الحبسِ بشيءٍ آخر، وقد جعل ذلك، وهو فيما (٤) روى عبادةُ بنُ الصَّامت رضي اللَّه عنه أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خذوا عنِّي، قد جعلَ اللَّهُ لهنَّ سبيلًا: البكرُ بالبكرِ جلدُ مئةٍ وتغريبُ عامٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبُ جلدُ مئةٍ ورجمٌ بالحجارة" (٥).
(١) في (ر): "إليهن" في الموضعين.
(٢) في (ر) و (ف): "كذا".
(٣) في (أ): "أي شهداء" وفي (ر): "الشهداء".
(٤) في (أ): "وآخر ما"، بدل: "وهو فيما".
(٥) رواه مسلم (١٦٩٠).