وقال سعيد بن جبير: نزلت الآية الأولى في المؤمنين، والوسطى في المنافقين: {قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}، والأخرى في الكافرين: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} (١).
قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}: أي: الفريق الثَّاني والثَّالث هيَّأنا لهم في الآخرة عذابًا وجيعًا.
* * *
(١٩) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}: أي: إكراهًا، ونصبه على الحال، وتقديره: مكرِهين (٢).
وعاد الكلامُ إلى الوصيَّة في أمر النِّساء والنَّهيِ عن ظلمهنَّ، والمعنى: يا معشرَ المؤمنين لا يحلُّ لكم أن ترثوا النِّساء كما ترثون الأموال.
وكان أهل الجاهليَّة إذا مات الرَّجل منهم ألقى ابنه أو أخوه أو وارثٌ له آخرُ (٣) ثوبَه على امرأته، فلا يمكنها أن تتزوَّج غيرَه، ويكون أمرُ نكاحها إليه،
= ورواه ابن المنذر في "تفسيره" (١٤٨٨، ١٤٩٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٠٠) عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، بنحو لفظ الأثر الآتي عن سعيد بن جبير.
(١) ذكره الواحدي في "البسيط" (٦/ ٣٩١).
(٢) وعلى هذا هو حال من الواو في {تَرِثُوا}، وجعله أبو حيان في موضع الحال من النساء، قال: فيقدر باسم فاعل؛ أي: كارهات، أو باسم مفعول؛ أي: مكرَهات. انظر: "البحر" (٦/ ٥٢٥).
(٣) "آخر" من (أ) و (ف).