نفسُ الجماع، يُقال: فلان دخل بفلانٍ موضعَ كذا، لا يُراد به غيرَ الإدخال لذلك (١).
قلنا: إذا أدخلها في موضع الخلوة (٢) وخلا بها، وجبَ كمال المهر، وتثبُتُ (٣) الحرمة.
وإنْ جعل هذا كنايةً عن الجماع فلأنَّ الجماعَ لا يكون إلَّا بالدُّخول بها مكانًا يسترهما، وإلَّا فحقيقة الدُّخول بها ليس بجماع، ولا بُدَّ مِن أخذه بيدها أو بشيء منها ليكون بذلك هو الدَّاخل بها، لا هي به.
قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ}: أي: منكوحاتُ أولادكم، ويقع على النَّوافل وإن بعدوا من ذكور كانوا أو إناث، وتثبتُ الحرمة ها هنا بنفسِ العقد؛ لإطلاق النَّص.
والحلائلُ: جمع الحليلة، وهي الزَّوجةُ، والحليلُ: الزَّوجُ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ للآخر، أو لأنَّ كلَّ واحد منهما يحلِّ في الموضع الذي (٤) يحلُّ فيه الآخرُ، فالأوَّل من الحلِّ، والثَّاني من الحلول.
قوله تعالى: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} ليس هذا لنفي الحرمة عن حليلة الابن عن الرَّضاع، بل عن حليلة ابن التَّبنِّي؛ لأنَّهم كانوا يجعلونه كولد الصُّلب في هذا، فأبطلَه الشَّرع.
قال الكلبيُّ وعطاءٌ: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تبنَّى زيد بن حارثة ثم تزوَّج امرأته بعدما أبانها، فتكلَّم المنافقون والمشركون في ذلك، فنزلَتْ هذه الآية، ونزل قوله تعالى:
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ١٠٢).
(٢) "الخلوة" ليست في (أ)، وفي (ر): "الجماع".
(٣) في (أ): "وثبت"، وفي (ف): "وثبتت".
(٤) في (ر): "موضع".