وكانت صفيَّةُ بنت حُييٍّ ذاتَ زوجٍ، فسُبيَتْ يومَ خيبر، واصطفاها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لنفسه، فأعتقَها وتزوَّجها، فدلَّ على وقوع البينونةِ، وعدم وجوب العدَّة.
والإحصانُ أصلُه: المنع، والحصنُ: مانغ يصدُّ العدو، والدِّرع الحصينة مانعةٌ من شرِّ القاصد، والحِصان بكسر الحاء: الفرسُ الفحلُ المانع من الوقوعِ في يد العدو، والحَصان بفتح الحاء: المرأة العفيفة المانعة فرجَها؛ قال اللَّه تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} التحريم: ١٢، وأحصنَها الزَّوج فهي محصَنةٌ.
والإحصان في القرآن جاء لمعانٍ:
للنِّكاح: كما في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} النساء: ٢٥؛ أي: تزوجْنَ، وكما في هذه الآية {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}.
وللحرية: كما في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} النساء: ٢٥.
وللعفَّة: كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} النور: ٢٣.
وللإسلام، كما في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} النساء: ٢٥، على قول بعض العلماء.
وقوله تعالى: {أَيْمَانُكُمْ}: جمع يمينٍ، وهي اليد اليمنى، وأضاف المِلك إليها لأنَّها هي المتصرِّفة في عامة التَّصرُّفات (١) غالبًا، وعلى هذا قولُه تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} آل عمران: ١٨٢، وقوله تعالى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} الشورى: ٣٠، وقوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}، ولأنَّ المملوك كالمقبوض باليد؛ للقدرة عليه.
(١) "في عامة التصرفات" ليس في (ف).