هؤلاء المحرَّمات (١)، كما في قوله تعالى: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُ} البقرة: ٩١؛ أي: بما سواهُ.
وقيل: أي: ما قبل ذلكم، كَما في قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَآءَهُم مَلِكٌ} الكهف: ٧٩؛ أي: أمامَهم، وينصرِفُ إلى قوله تعالى: {فَاَنْكِحُوا مَا طَابَ لَكْمُ} الآية.
وقيل: معناه: ما بعد ذلكم؛ فإنَّ وراء (٢) يستعمل في الخلف في الأغلب، ومعناه: ما بعدَ الأصناف المحرَّمة بالنَّسب والرَّضاع والمصاهرة.
قوله تعالى: {ذَلِكُمْ} الكاف والميم خطاب للرِّجال، كما في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ}، والذَّال إشارة إلى المذكور قبله من المحرَّمات، ولو أشار (٣) إلى المحرَّمات لقال: (وراء تلكم) لكنْ صَرَفَه إلى المذكور، ويقع ذلك عليهنَّ.
قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} ترجمةٌ عن قوله: {مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}، وتقديره: وأُحلَّ لكم أن تبتغوا، وقيل: أي: لِأَنْ تبتَغُوا (٤) على إضمار اللَّام، ومعناه: لتبتغوا؛ أي: لتَطلبوا.
قوله: {بِأَمْوَالِكُمْ}: قيل: أي: المملوكاتِ بالثَّمن، والمنكوحاتِ بالمهر.
وقيل: هو على المنكوحات لا غير، ودلَّ على أنَّه لا نكاحَ إلَّا بمهرٍ، وأنَّه يجبُ؛ سُمِّي أو لم يُسمَّ.
وذِكْرُ الأموالِ يدلُّ على أنَّ غيرَ المال لا يصلح مهرًا، وأنَّ القليل لا يكفي مهرًا،
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٣/ ١١١). ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩١٧) عن أبي مالك.
(٢) في (ر): "الوراء".
(٣) في (ف): "ولو شاء أشار".
(٤) بعدها في (أ): "أي".