قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} قال الكسائيُّ: حُرِّمَتْ عليكم أمهاتكم وكذا وكذا كتابًا من عند اللَّه عليكم؛ أي: فريضةً منه (١)، وهو كقوله تعالى: {فَريضَةً مِنَ اللَّهِ} النساء: ١١، و: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} النساء: ١٢، و: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} آل عمران: ١٩٥، و: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} النساء: ٧، وقد بيَّنَّا هناك وجوهَ نصبه.
وقيل: هو على الإغراء على التَّقديم والتَّأخير، وتقديره: عليكم كتابَ اللَّه، كقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} المائدة: ١٠٥.
وقيل: هو على إضمار: احفظوا، أو: اتَّبعوا، أو: الْزَموا (٢)، ما كَتب اللَّه عليكم (٣).
وقيل: هو نصب بحذف الباء، وتقديره: بكتاب اللَّه عليكم، وكتابُ اللَّه هو حكمُه.
وقيل: أي: ثبت هذا التَّحريم بكتابِ اللَّه الَّذي أنزلَه، أو قد قصَّ ذلك لكم في كتابه.
قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في روايةِ حفصٍ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ} على ما لم يُسمَّ فاعلُهُ، عطفًا على قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ}، وقرأَ الباقون على الفعل الظَّاهر (٤)، صرفًا إلى اسم اللَّه المذكور في قوله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}.
وقوله: {مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}، قال ابن عبَّاس رضي اللَّه تعالى عنهما؛ أي: ما سوى
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ١١١).
(٢) في (أ): "احفظوا وابتغوا والزموا" وفي (ر): "احفظوا أو الزموا واتبعوا".
(٣) في (أ) و (ف): "عليكم".
(٤) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٢٣١)، و"التيسير" للداني (ص: ٩٥).