وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمً}: ولرحمته بكم نبَّهكم على ما فيه صيانةُ أموالكم وبقاءُ أبدانكم.
وقال عكرمةُ والحسن (١): كان الرجل يتحرَّج أن يأكل عند أحدٍ من الناس شيئًا إلا بالشراء لنزول هذه الآية، حتى نزل قولُه تعالى: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا} إلى قوله: {جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} النور: ٦١ (٢).
* * *
(٣٠) - {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا}: أي: ومن يرتكب النهي عن أكل المال وقتلِ النفس، فلذلك وحَّد.
والعدوان: مجاوزةُ حدِّ الأمر، والظلم: الجَوْر، ومعناه: عالمًا به غيرَ مخطئ ولا متأوِّلٍ (٣)، يشير بذلك إلى أنه إذا كان عن جهلٍ أو خطأ أو شبهةٍ لم يستحِقَّ هذا الوعيدَ الشديد.
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}: أي: ندخلُه نارَ جهنم.
وقوله تعالى: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}: أي: وكان إصلاؤه النارَ سهلًا لا يَعْسُر عليه شيء، وهذا الوعيد في حق المستحِلِّ للتخليد على القطع، وفي حقِّ غير المستحِلِّ لبيان استحقاقه دخولَ النار والعقوبةَ فيها مدةً، مع وعد اللَّه تعالى بمغفرةِ (٤) ما دون الشرك لمن يشاء.
(١) "والحسن" ليس في (ت).
(٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٢٧).
(٣) في (أ): "ولا مأول"، وليست في (ف).
(٤) في (أ): "مغفرة".