مِن الأنصار: لا تُنفِقوا أموالَكم، فإنَّا نَخشى الفقرَ عليكم، وما (١) تَدرون ما يكون، فنزلَت هذهِ الآيةُ (٢): {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} بأنفسهم، {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} بقولهم.
وقولُه تعالى: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: يُخفونَ ما أنعمَ اللَّهُ عليهم به مِن المالِ وسَعَةِ الحال، وهم الذين قال اللَّه تعالى فيهم (٣): {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} يس: ٤٧، ولمَّا نزلَتْ آيةُ الاستقراض {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}، فهم في غاية البُخلِ بالمال.
وقيل: هو مرويٌّ عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما أيضًا أنَّ المرادَ به البخلُ بما علموا به في التَّوراة مِن نعت محمَّد عليه الصلاة والسلام، وحقِّيَّة (٤) الإسلام، وأمرُهم أصحابَهم بأن لا يُظهروه للمسلمين، وكتمانُهم ذلك (٥).
وقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} أي: هم كافرون، وقد اعتدنا لهم عذابًا يُهانون به في الآخرة.
وقال طاوس: البُخلُ: هو أن يبخلَ الإنسانُ بما في يدِه، والشُّحُّ: أنْ يَشِحَّ بما في أيدي النَّاس (٦).
وقيل: البخلُ: هو أنْ يأكلَ بنفسِه، ولا يُؤكِلَ غيرَه، والشُّحُّ: ألَّا يأكلَ بنفسِه، ولا غيره (٧)، والسَّخاء: هو أن يأكلَ ويُؤكِلَ، والجودُ: أن يُؤكِلَ ولا يَأكُل.
(١) في (أ): "حد".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٢٤).
(٣) في (ف): "في حقهم".
(٤) في (ر) و (ف): "وحقيقة".
(٥) انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٢٤).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٢١).
(٧) قوله: "والشح أن لا يأكل بنفسه ولا غيره" ليس في (ف)، وقوله: "ولا غيره" ليس في (أ).