وقوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} أي: كافيًا ومتولِّيًا وناصرًا.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} إذا حضروك استسلموا في مشاهدَتِك، فإذا خرجوا انقطعَ عنهم نورُ إقبالِك، فعادوا إلى ظلماتِ نفاقِهم في مخالفتِكَ، قال قائلهم:
إذا ارْعَوى (١) عادَ إلى جَهلِه... كذي (٢) الضَّنى عادَ (٣) إلى نُكْسِهِ (٤)
* * *
(٨٢) - {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.
وقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} استفهامٌ بمعنى الأمر، كقوله تعالى: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ} المائدة: ٧٤.
والتَّدبُّر: النَّظر في دُبُر الأمر؛ أي: عاقبته، وهو قريبٌ من التَّفكُّر، غير أنَّ (٥) التَّفكُّر تصرُّف القلب بالنَّظر في (٦) الدَّلائل، والتَّدبُّر تصرُّفه بالنَّظر في العواقب، والتَّدبُّر في القرآن: التأمُّلُ في معانيه بعد تلاوته أو سماعه، أو طلبُ ما يَؤول إليه ظاهرُه مِن المعنى المرادِ به.
ودلَّ هذا على بطلانِ التَّقليد، ووجوبِ طلبِ الدَّليل، وأنَّه حظُّ أهلِ العلم،
(١) في (ف): "الغوى".
(٢) في النسخ الخطية: "كذا"، والمثبت من المصادر.
(٣) في (أ) و (ر): "رد".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٤٩). والبيت لصالح بن عبد القدوس، انظر: "البيان والتبيين" للجاحظ (١/ ١٢٠)، و"طبقات الشعراء" لابن المعتز (ص: ٨٩).
(٥) من قوله: "وقوله تعالى: أفلا يتدبرون" إلى هنا ليس في (أ).
(٦) في (ر): "إلى".