يتخلَّفُ المَدَدُ، وربَّما يُحتاج إليه، أو يقعُ نوعُ وهنٍ، فإذا نشروا أنَّ الدَّبَرةَ وقعَت على المؤمنين بالكلِّيَّة، جَبُنَ الباقون عن الخروج.
وقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ}؛ أي: ترَكوهُ حتَّى يُخبِرهم الرَّسولُ وهو حقيقةٌ؛ لأنَّه يُخبِرُ عن اللَّه بإخبارِه (١) الصِّدقَ.
وقوله تعالى: {وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} أي: أمراءِ السَّرايا؛ ليُخبِروهم عن عَيانٍ، وهو على وجهِه وتمامِه.
وقوله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: لوصلَ إلى حقيقةِ علمِه الذين يَستخرجونَ الخبرَ من أمراء السَّرايا والرَّسول.
والاستِنْباطُ: الاستخراج، والنَّبَط: الماء الذي يُخرَجُ مِن البئرِ أوَّلَ ما تُحفَرُ، وأنبطَ فلانٌ واستنبط؛ أي: استخرجَ هذا الماءَ، والنَّبَطُ: جيلٌ من الناس، سمُّوا به لاختصاصهم باستخراج العيونِ والآبار. وقيل: لأَنَّهم استُخرِجوا من أرضِهم إلى غيرِها.
وقيل: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ}؛ أي: رجَعوا إليه في الاستخبار، {وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} أي: إلى الذين يَدخلون على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَلوْنَ أمرَهُ؛ كالخلفاء الرَّاشدين الأربعة، وكبارِ الصَّحابة رضي اللَّه عنهم، لعلِمَه المستنبطون؛ أي: الباحثون بالسُّؤال عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقوله: {مِنْهُمْ} للتبعيض؛ أي: بعضُ كبارِ الصحابة علموا ذلك بالبحث، ثمَّ أخبروا الناسَ عن حقيقتِه.
وقوله تعالى: {أَذَاعُوا بِهِ} هذا وصفٌ للمنافقين بالإرجاف؛ وهو كقوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} الآية الأحزاب: ٦٠.
(١) في (ف): "بأخبار".